مراحل التأريخ الكنعاني :
أولا :ـ المرحلة القديمة ( الأصول ) 3000ـ 4000 ق.م
قد تخطئ التقديرات في التاريخ أعلاه بمدة قد تصل الى 5000سنة ، وهذا لاضطراب الموجود من الدلائل حول بداية نشأة الكنعانيين و موطنهم الأصلي .. لنستعرض النظريات التي وضعت لاقتراح المكان الأول للكنعانيين ..
1 ـ جزيرة العرب :
قد تكون نظرية أن الكنعانيين أصلهم من جزيرة العرب ، هي الأكثر شيوعا بين النظريات ، لا للكنعانيين وحدهم بل ذهب كثير من العلماء أن أصل الساميين كلهم من جزيرة العرب ، وهي نظرية أقرب للاعتقاد منها للحقيقة لندرة الوقائع المدونة التي بالنقوش والآثار ..
ويرى البعض أن هذه النظرية تصلح لهجرة واحدة حدثت حوالي 2500ق م وذهبت باتجاه الصحراء السورية العراقية ، فانقسمت الى قسمين : الأموريين الذين بقوا في تلك الصحراء ، ثم اختلط قسم منهم بأهل العراق القديم واصطبغوا بالمؤثرات الحضارية العراقية ، وقسم استمر في هجرته نحو سواحل المتوسط وهم الكنعانيون . وهو سيناريو مكرر نراه في كل الهجرات السامية في النصوص التاريخية .
2 ـ سواحل الخليج العربي :
طرح هذا الرأي العلاَمة ( سترابون) وقال : إن سكان الخليج العربي كانوا يسمون مدنهم بأسماء المدن الكنعانية ( صور ، صيدا ، أرواد ، جبيل ) ورجح أن تكون تلك المدن أقدم من التي على سواحل المتوسط .. كما أن معابدهم القديمة ، تتشابه مع معابد الكنعانيين .. فافترض أن الهجرة تمت من الخليج العربي باتجاه البصرة ثم بلاد الشام .
3 ـ سواحل البحر الأحمر :
هذا الرأي تبناه ( هيرودوتس ) باعتبار أن طبائع الكنعانيين والفينيقيين وهم اسمان لشعب واحد ، هي طبائع ساحلية ، فافترض أنهم قدموا من سواحل البحر الأريتيري ( الأحمر ) .
4 ـ سيناء والنقب :
ظهر في بعض وثائق ( رأس شمرا ) ما يشير الى أن سكانها قدموا من شبه جزيرة سيناء أو من النقب ، ومن جزيرة العرب و من سواحل البحر الأحمر معا .
5 ـ مصر :
كان للعلاقة المتميزة بين الكنعانيين و المصريين أثر كبير في ظهور رأي قديم مفاده أنهما من أصل واحد . ويظهر هذا الرأي من خلال الأساطير التي جمعها المؤرخ الإغريقي ( إيسوب ) التي ترى بأن الإلهين ( قدم وفينيق) جاءا من مدينة ( طيبة) المصرية ليتملكا مدن صور وصيدا . وقد ذهبت التوراة في هذا المنحى إذ سلخت الكنعانيين من سلالة سام لتضع ( كنعان و مصراييم ) من سلالة حام ( سفر التكوين 6:10)
ثانيا ـ المرحلة الشامية ( 3000ـ 1200 ق. م )
بدأت هذه المرحلة مبكرة إبان بدء العصور التاريخية ، حيث بدأت الهجرة الكنعانية من السواحل العراقية للخليج العربي وضفاف الفرات الجنوبي ، وربما اتخذ مسار هذه الهجرة طريقين : الأول مع نهر الفرات صعودا ، ثم الاتجاه الى السواحل الشامية الشمالية وتأسيس مدن ( رأس من شمرا ) و (أوجاريت) و(أرواد) و (جبيل) و (صيدا) و (صور) .. أي سواحل سوريا ولبنان .
أما الهجرة الثانية ، فكانت برا باتجاه فلسطين مباشرة ، وقد أسسوا أو سكنوا مدنا برية مثل ( قادش و بيت شان و شكيم وأريحا وبوس (أورشليم ) وبئر سبع و مجدو والسامرة .. الخ ) . ومدنا ساحلية مثل (عكا و دور و يافا و غزة الخ ) .. وقد كانت المدن تعبر عن اسمها الكنعاني ( رأس شمرا ) والسامرة
وهي مشتقة من سام و شام و أصبح سكانها فيما بعد شوام و شاميون الخ .
وبالتأكيد فإن الكنعانيون لم يكونوا أول من وطئ أرض سوريا أو فلسطين ، وعندما حضروا وجدوا في تلك الأرض أقوام سبقتهم خصوصا في مناطق (تل المريبط) و (تل الرمد) و منطقة ( المنحطة ) و (البيضا ) وغيرها .. فاندمج الكنعانيون مع السكان الأقدم .. ومع ذلك لم يستطيعوا تكوين دولة موحدة واحدة ، بل كانت هناك دول ( المدن ) كما كانت منتشرة تلك الظاهرة في تلك الأزمنة ، وكان لكل مدينة إلهها رغم أنه كان هناك إله واحد لكل الكنعانيين . وقد أدى عدم تنسيق دول المدن فيما بينها الى مشاكل كثيرة أمام العدو الخارجي .
ويمكن تقسيم فترات التاريخ الكنعاني في بلاد الشام الى :
أ ـ فترة تأسيس المدن الكنعانية ( 3000ـ 2400ق.م)
يربو عدد المدن التي عثر عليها و رد أصلها للكنعانيين في بلاد الشام عن 135 مدينة ، من أهمها رأس شمرا ، وأوغاريت ، وأرواد (جزيرة) وجبيل وبيروت و صيدا وصور وعكا و عسقلان و أسدود و جت و غزة ، و قادش و بيسان و بيت إيل و جبعون أريحا و يبوس (أورشليم) وبيت لحم و حبرون و عجلون وبئر السبع وغيرها .. كما وجد 1200 قرية تعود نشأتها للكنعانيين .
ب ـ فترة النفوذ المصري ( 2400ـ 1500ق م ) :
ابتدأت فترة النفوذ المصري على الساحل الشرقي للبحر المتوسط ، مع بداية الأسرة السادسة ، وبالذات أيام الملك الأول من تلك الأسرة و اسمه (تتي) فقد جهز جيشا بقيادة (وني) مكون من عشرات الألوف من الجنود . ويعتقد أن هذا الإجراء جاء نتيجة تهديد بقطع خطوط التجارة التي تمر بفلسطين ، من قبل جهات متمردة داخل تلك الأراضي ، أو من تهديد سومري في احتلال تلك المنطقة ، إذ تزامن إجراء المصريين ، مع تحرك لقوات الملك السومري (لوكال زاليزي) .. وما تلاها من تحرك لقوات الملك الأكدي ( سرجون ) .. للهيمنة على سواحل المتوسط الشرقية .
وبقيت بلاد كنعان تحت السيطرة المصرية حوالي ألف عام ، ولم يجعلها تتخلص من السيطرة المصرية ، إلا أثناء حكم الرعاع و الهكسوس لمصر زهاء قرنين من الزمان .. هذا مما حقق استقلالا للمدن الكنعانية .
في حين برزت في تلك الفترة ممالك مثل (أوغاريت) وملكها (نقمد) ومملكة (رأس شمرا) و (جبيل) وغيرها .